ببطء و رفق ، دفع الباب ، فانفتح ، دون مقاومة أو صوت .
لم يسفر تحديقه عن رؤية شيء : كانت الظلمة سابغة . حاول جاهدا أن يكظم اضطرابه . تقدم خطوة للداخل . تلاشت بضع طبقات من الظلمة ، لكن ظل التحديق لا يسفر عن رؤية .
تسمّع . لم يكن ثمة سوي طنين خافت ، لا يدري مصدره : أهو داخله أم ركن من أركان الغرفة التي اجتاز توا – لأول مرة – عتبتها . استنفر كل الحواس . فقط قشعريرة ما خفية ألمت بظاهر جلده ، أنبأته بوجود حياة أخرى تتنفس و إياه هواء ذات الغرفة .
كان قد استوثق جملة مرات من صحة العنوان الذي حفظه عن ظهر قلب لكثرة ما طالعه ، في الأيام السابقة ، في الإعلان المنشور بالصحف . كان الإعلان يطارده ، يضغط عليه بإلحاح طالبا منه سرعة التوجه إلى عنوان محدد . لم يُذكر في الإعلان اسمه ، لكن كل البيانات المنشورة تقطع بأنه هو الوحيد المقصود دون أي التباس أو احتمال للخطأ .. تاريخ الميلاد ، محل الإقامة، المهنة، طول القامة الوزن ، لون البشرة ، العادات اليومية ، الجراحة التي أجراها في صغره.
لم يحدد الإعلان اسم المعلن أو السبب وراء طلب حضوره ، كما لم يذكر – على خلاف العادة – رقم تليفون يمكن الاتصال به .
في ابتداء الأمر ، حاول التجاهل ، رغم الدهشة التي اعترته ، و الفضول الذي احتواه .
لكن مع التكرار ، أخذ الإعلان يستلفت أنظار الآخرين ، و كان المقربون منه – بدورهم – يستلفتون نظره إليه . كان لابد من وضع حد للقلق الذي أخذ يتناهشه و يتفاقم إزاء تكرار الإعلان و إلحاحه .
تقدم للأمام خطوة أخرى واجفة . حاول أن يتنحنح أو يسعل . لم يسمع سوى طنين . همّ بأن يخطو ، فانزلق ، ليجد نفسه – فجأة – منطرحا على الأرض ، و قد حدقوا به و شلوا حركته ، و شرعوا يجردونه من الثياب .